السؤال: أمة الكفر واحدة ويتكالبون علينا، لكن نلاحظ أن
فرنسا وغيرها ترفض الحرب، هل هذا ذر للرماد على العيون من
فرنسا وغيرها، والله تعالى يقول: ((
وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120]؟
الجواب: الحقيقة أن هناك أمراً يجب أن ننتبه إليه: وهو أن كون الكفار يكرهوننا جميعاً، ولا يريدون لنا الخير جميعاً، ويحاربوننا حتى نتنازل عن ديننا، وكون
فرنسا فعلت ما فعلت بـ
الجزائر و
أفريقيا وغيرها من الحرب والتنصير، هذا لا يعني أن يكون الأمر تمثيلاً.
القضية أن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أن يدفع الشر بالشر: ((
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ))[البقرة:251] حكمة الله ألا تتسلط قوة واحدة مهيمنة، لما سقط
الاتحاد السوفييتي قال الناس: القوة العظمى الوحيدة والقطب الوحيد، وغير ذلك من الكلام الفاضي التي تفرح به
أمريكا وتبثه في العالم، أراد الله أن تأتي هذه الأزمة، وإذا بـ
أمريكا ليست هي القطب الوحيد، فعندما تكون
أمريكا و
فرنسا و
روسيا فهذا قطب مهم جداً يجب أن يعتبر، ومعها أكثر العالم في هذا الموقف.
القضية صادقة،
فرنسا و
أوروبا كلها سوف تتضرر إذا سيطرت
أمريكا، لا حباً فينا، ولا يزال موقفهم منا هو موقفهم، لكن القضية قضية أن مصالحهم سوف تتضرر، لا تريد أي قوة أن قوة أخرى تهيمن فتدعها وترميها وفي النهاية تفتك بها.
إن مشكلة
ألمانيا و
فرنسا والاتحاد الأوروبي وهو قوي جداً اقتصادياً، مشكلته البترول في الدرجة الأولى والمواد الخام الأخرى، وإلا فهو قوة هائلة وبالأخص
فرنسا و
ألمانيا، والذي حل المشكلة ضم
روسيا؛ لأن
روسيا لديها من البترول الخام شيء هائل جداً لم تستطع ولم تعلم كيف تستغله، وهذه الدول الثلاث عندما تكون -وإن كانوا أعداء في الماضي- جبهة واحدة وقطباً واحداً، معنى ذلك أنه يمكن التوازن مع
أمريكا في هذا الجانب، الاقتصاد الأمريكي منهار لكن الاقتصاد الألماني قوي جداً.
لكن أقول لكم: يحسدوننا على النفط والبترول، بينما أصغر دولة أوروبية مثل
سويسرا أو
هولندا أو
بلجيكا أو
الدنمارك التي تراها على الخارطة، دخلها أكثر من دخل
السعودية من البترول، وبعض هذه الدول دخلها أربعة أو خمسة أضعاف دخل
السعودية من البترول، أو دول
الخليج، لكنهم لا يرون أنفسهم، ودخل
هولندا من البقرة أكثر من دخلنا من النفط، هذا واقع وهذه حقيقة.
فالاتحاد الأوروبي يشكل شيئاً كبيراً جداً، فمعدل دخل الفرد في الدول العشر الأولى ما عدا
كندا و
أمريكا من الاتحاد الأوروبي في ارتفاع دخل الفرد، فمتوسط دخل الفرد فيها يصل إلى حد (30) ألف دولار، الكاكاو الذي في
أفريقيا مثل البترول عندنا هنا، العامل الأفريقي وهو يأتي بمائة عامل يشتغلون ليل نهار من أجل أن يحملوا شاحنة ثم يعطوهم فقط بقدر ما يأكلون، الشاحنة هذه يُعمل منها قطعة كاكاو صغيرة بدولار، حق العمال كلهم قطعة صغيرة، ثم يصدرونه إلى هناك.
الخيرات في
أمريكا الوسطى و
أمريكا الجنوبية، وخيرات النفط التي هنا، كلها يمتصها الإنسان الأوروبي، يأخذون البترول منا خاماً، وعندما يكررونه يستخرجون منه أنواعاً لا حصر لها من الأغذية والملابس والعطورات وغيرها، ثم تذهب أنت تشتري شيئاً صغيراً فيه نقطة من البترول بثلاثمائة أو بأربعمائة ريال، وقس على ذلك.
فالاتحاد الأوروبي يعيش هكذا، واقتصاده متقدم جداً، فهم لا يريدون أن
أمريكا تسيطر على كل شيء، على البترول، وعلى المنافذ، وعلى ما في
العراق، ثم أيضاً تحقق
الصهيونية أهدافها.
وهناك شيء مهم جداً، وهو أن أكثر شعب في العالم يعادي اليهود هم الروس، لا تظنوا أنهم العرب، بالعكس العرب قبل قيام دولة إسرائيل في
القاهرة وفي
دمشق وفي
صنعاء وفي كل مكان،لم يكن هناك عداوة معهم، العداوة في
أوروبا وخاصة الروس، لا يطيقون اليهود بأي شكل من الأشكال.
فهناك عدم سيطرة
الصهيونية الغربية والرأسمالية الغربية، وهذا موجود، وفي
روسيا هذه معركة معلنة، لأن فيها طرفين: طرف يميل إلى
الصهيونية و
اليهودية الأمريكية وطرف آخر مع الوطنية الروسية، وهكذا ... فالله تعالى يجعل دائماً صراعات، مثلما يوجد أيضاً داخل الحزب الواحد وداخل البلد الواحد.
فهي ليست من أجلنا أو من أجل ديننا أو غير ذلك، ولكن من أجل مصالحهم، لكن ما دورنا؟
ألسنا نحن أولى أن نذهب إلى الدول الأفريقية الصغيرة وغيرها ونطلب منها أن تصوت ضد الحرب، أم أن وزير خارجية
فرنسا هو الذي يدور عليهم؟
سبحان الله! الحرب علينا وندفع ثمنها، وضد عقيدتنا وبلادنا ثم نترك غيرنا يتكلم عنا أو ينوب عنا؛ لأنه يرى مصلحته في ذلك.
هذا من الخذلان والعجز الذي ابتليت به الحكومات العربية والإسلامية نسأل الله العافية، بينما هذا وقتها لتتحرك، وترفض وتستنكر، أقل شيء تحرك العالم كله معنوياً، تحركه إعلامياً، ولذلك قام هؤلاء بذلك، ونحن نقول: حقيقة ينبغي أن يكافئوا.
بمعنى آخر: ممكن ألا يتحول هذا إلى مشروع فيما بعد، ونحن نرى إذا صدقت هذه الدول في مواقفها مثلاً من الحرب فنحن لدينا هذه الحاجة البسيطة وهي المقاطعة، يمكن أن نقاطع البضائع الأمريكية، ونضع أي بضاعة أمريكية يشترى مقابلها بضاعة ألمانية أو فرنسية إذا بقيت
فرنسا ضد
أمريكا .
ثم نطلب منها أن تقوم ضد إسرائيل وهذا ممكن جداً، أن يدفع الله هؤلاء بهؤلاء، حتى نتقوى ونستطيع أن ندفع عن أنفسنا الشر بإذن الله تبارك وتعالى.
وبالنسبة للقنوت فهو لا شك فيه خاصة عندما تبدأ الحرب، نسأل الله أن يدفع شرها، فلا شك أنه مهم جداً وقد أشرنا إليه.